الأكل بعينيك: كيمياء الملونات الغذائية

713

هل ستشرب ماء لونه أسود؟ أو مشروب ببسي شفاف اللون؟ ماذا عن زبدة وردية، أو كتشب أخضر؟ صدق أو لا تصدق، هذه المنتجات موجودة بالفعل، وفي وقت ليس ببعيد، ولكن هناك سبب وجيه لعدم بقاء موضة هذه الأطعمة لفترة طويلة، وهو أن المستهلكين يفضّلون الأطعمة التي تتناسب فيها النكهة مع اللون.
هناك رابط منطقي بين اللون والمذاق، فالبرتقال برتقالي اللون، لذا سنتوقع أن يكون أي مشروب برتقالي اللون برتقالي النكهة أيضاً، كذلك فالمشروبات الحمراء لها مذاق التوت، والبنفسجية لها مذاق العنب. وإذا كان الطعام متعدد الألوان فمن المحتمل أن يكون متعفنًا وغير صالح للأكل، باستثناء الجبنة الزرقاء التي اكتسبت هذا الاسم من العفن الذي يعطيها تلك النكهة المميّزة.
إن كمية الطعام المعالج الذي نتناوله يومياً تبعث على الدهشة، وتعالج هذه الأطعمة إما لتحويرها عن حالتها الطبيعية ولجعلها أقل خطرًا، أو للقضاء على البكتريا الضارة فيها، أو لجعلها أكثر جاذبية، أو لزيادة فترة صلاحيتها.
ربما لن يبدو معظم الطعام الذي نتناوله يومياً جذابًا إن لم يكن ملونًا، ويمكن القول أن هذه الألوان هي بمثابة مستحضرات التجميل للطعام، ولولا الألوان لكان الهوت دوغ رمادي اللون!

ألوان الطعام الطبيعية:
تجنّبًا للطعام المعالج اقترح البعض استخدام ألوان الطعام الطبيعية قدر الإمكان، وقد استخدمت الأصباغ الطبيعية على مدار القرون الماضية لتلوين الطعام، ومن أشهر هذه الأصباغ: الكاروتينويدات Carotenoids، الكلوروفيل Chlorophyll، الأنثوسيانين Anthocyanin، والكركم Turmeric.

2

1ـ الكاروتينويدات
تترواح ألوان الكاروتينويدات بين الأحمر الغامق والأصفر والبرتقالي، وأشهر مثال على هذه الأصباغ صبغة البيتا – كاروتين Beta-Carotene، وهي الصبغة المسؤولة عن اللون البرتقالي الفاتح للبطاطا الحلوة واليقطين. ولمّا كانت صبغة البيتا كاروتين ذائبة في الدهون، فإنها تعدّ الخيار الأمثل لتلوين مشتقات الحليب والتي تحتوي بطبيعتها على كميات كبيرة من الدهن، لذا فمن الشائع أن تضاف هذه الصبغة إلى الماركرين والجبنة. وجدير بالذكر أن تناول كميات كبيرة من الأطعمة التي تحتوي على صبغة البيتا-كاروتين سيلوّن الجلد باللون البرتقالي، ولحسن الحظّ فليس في ذلك أي ضرر على جسم الإنسان.

2ـ الكلوروفيل Chlorophyll
يوجد الكلوروفيل في جميع النباتات الخضراء، وتمتص جزيئاته أشعة الشمس لتستفيد من طاقتها في إنتاج الكاربوهيدرات من ثنائي أكسيد الكربون والماء في عملية تدعى بالتمثيل الضوئي Photosynthesis، وهي أساس الحياة على سطح الأرض. تستخدم هذه الصبغة في بعض الأحيان لتلوين الأطعمة باللون الأخضر وخاصة الأطعمة ذات نكهة الليمون الأخضر أو النعناع كالمثلجات والحلوى.

3- الأنثوسيانين Anthocyanin
يعد الأنثوسيانين أحد أهم مصادر اللون الأرجواني الغامق والأزرق، ويعزى لون العنب والتوت الأزرق والعنبية إلى هذا المركب العضوي. يذوب الأنثوسيانين في الماء على عكس البيتاكاروتين، ويمكن استخدامه في تلوين المنتجات التي تحتوي على الماء، وغالبًا ما تكتسب رقائق الذرة الزرقاء والمياه الغازية والجيلاتين الأزرق هذه الألوان باستخدام صبغة الأنثوسيانين.

كيف يتلوّن الطعام:
ما الذي يجعل ملوِّن الطعام جيدًا؟
يجب أن يكون الملوِّن ذائبًا في الماء، وإلا فإنه لن يختلط بصورة جيدة.
يذوب المذاب الاعتيادي كالملح والسكر عند إضافته إلى الماء، وهذا يعني أنه قد تكسر إلى أيونات أو جزيئات مفردة. فعلى سبيل المثال، ترتبط جزيئات السكر (C­12H22O11) مع بعضها البعض بقوى جزيئية بينية ضعيفة، وعند إذابة السكر في الماء، فإن الماء يتغلب على هذه القوى، ما يؤدي إلى انتشار هذه الجزيئات في المحلول.
عادة ما تكون جزيئات ملونات الطعام صلبة أيونية، أي انها تحتوي على أيونات سالبة وموجبة، ترتبط مع بعضها بآصرة أيونية. وعند إذابتها في الماء، فإن الأيونات المكونة للجزيئة الصلبة ستنتشر في المحلول، وترتبط بجزيئات الماء القطبية، والتي تمتلك شحنة سالبة جزئية وشحنة موجبة جزئية.
من المهم أيضًا أن تحتفظ المادة الملوِّنة بلونها بعد إذابتها في الماء، وسبب حدوث ذلك أن جزيئات ملوِّنات الطعام تمتص جزءًا من الأطوال الموجية للضوء وتسمح للباقي بالعبور، لينتج عن ذلك اللون الذي تراه العين.
ولكن لماذا لا يمتص السكر أو الملح جزءًا من الضوء المرئي ويسمح للجزء الباقي بالعبور، كما هو الحال مع جزيئات المواد الملوِّنة للطعام؟
يحدث امتصاص الضوء عند انتقال إلكترون في الجزيئة أو الذرة أو الأيون إلى مستوى طاقيٍّ أعلى، ويتطلب حصول مثل هذا الانتقال في جزيئات السكر أو الملح المذابة إلى طاقة عالية تتوفر عادة في منطقة الأشعة فوق البنفسجية غير المرئية من الطيف الكهرومغناطيسي.

لا توجد تعليقات